الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة "قوى الخير والشر" ترقص على نخب احتضار "الكورة"..

نشر في  19 أفريل 2017  (11:17)

منذ أشهر عديدة، كان واضحا أن كرة الجليد باتت تتدحرج ويتضخم معها مفعول الاحتقان في تونس جراء ما يجري في كواليس البطولة الوطنية لكرة القدم التي باتت مدعاة للفتنة والتفرقة وسببا في "اقتتال" افتراضي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وكل الخوف أن تتسرب العدوى الى أرض الواقع لنصبح أمام مناطق خضراء وأخرى غير آمنة وجهات تدعو الى غزو نظيراتها بسبب الانقسام في المواقف حول المكتب الجامعي وعلى وجه الخصوص رئيسه وديع الجريء الذي سيكون دون شك شخصية الموسم في تونس..وان كان ذلك التصنيف في غير محله طالما أن الأعراف تقتضي منح هذا اللقب الفخري لمن أحسن للبلاد وزاد في اشعاع صورتها عكس ما يجري حاليا من تصدير للفوضى والأزمات تحت مسمى شرعية المكتب الجامعي لكرة القدم من عدمه..
في نفس هذه المساحة، كنا نبهنا الى تصعيد خطير انزلق معه مسار الأحداث لتختفي كل اشارة الى المضمون الحقيقي للعبة في تونس بين ابداع وتميز والى ما غير ذلك، حتى تم حشر جميع التونسيين قسرا في زاوية ضيقة محورها "مع الجريء أو ضده"..
طيلة كل هذه الأشهر كانت وسائل الاعلام، وبالتحديد البرامج الرياضية والمقالات المكتوبة هي المجال الوحيد الذي خاض في المسألة، مع وجود غفوة كبيرة جدا للدوائر الرسمية بين وزارة شباب ورياضة ورئاسة الحكومة..التي يصح القول فيها انها حكومة مطافىء لم تتدخل الا بعد اندلاع فتيل الأزمة وخروج الأوضاع عن السيطرة..
في هذه الأوان بات البعض يصور صراع الجريء ومعارضيه على أنه نزاع بين قوى الخير والشر ولا بد من الاصطفاف وراء أحد الطرفين، كما تفنن الكثيرون ممن هرولوا سابقا الى وسائل الاعلام للتظلم والتبكي من غياب الدعم المالي والى ما غير لك من الاسطوانات المشروخة، تفننوا بكل مازوشية في سلخ وسائل الاعلام واعتبارها الطرف المؤجج للأحداث..
هنا لا بد من تذكير بعض الثوريين والانتهازيين ممن قفزت بهم الأحداث صدفة الى الواجهة، لا بد من تذكيرهم أن القاعدة المبدأ أكاديميا في مجال الاعلام تقول ان الصحفي لا يهتم لخبر قدوم القطار في توقيته الأصلي، بل ان محور الاهتمام هو حصول تأخير في قدومه، عدا ذلك فان الأمر لا يستوجب الخوض فيه..ومن هنا يمكننا الانطلاق لتفسير قاعدة تقول ان نقد المكتب الجامعي لكرة القدم عند الخطأ ( وما أكثرها) فهو ليس اثما ولا جرما، بل انه لب الاهتمام والعمل الصحفي طبعا اذا سلمنا بصفاء النوايا، في ظل وجود ادراك بأن البعض ( من الجانبين) خرج عن النص في تحاليله الاعلامية خدمة لهذا الطرف أو ذاك..
تواتر الأحداث جعلنا حاليا أمام شقين متنازعين بمنطق العروشية والولاء لابن العم ظالما أو مظلوما، مع وجود حلف ثان يجرم الجريء وكل من والاه أو اقترب منه حتى صدفة بفعل عامل الجغرافيا..وازاء أمر بمثل هذه الخطورة، فان قلوبنا ستبلغ الحناجر نهاية كل أسبوع خشية تطور الأوضاع مع كل جولة تمر من بطولتنا بمختلف أقسامها..
وسط كل هذا النشاز، اختفت أصوات الحكمة والتعقل في كرة القدم التونسية، واشتعلت الماكينة من الجانبين للتجريم والتخوين..ومع اضافة بهارات من قبيل التدخل السياسي..مع تواتر بلاغات التنديد حتى من اتحاد الشغل، فاننا نجد أنفسنا ازاء خلطة تونسية عجيبة ومتفردة ستعجز أقوى الرؤوس على فك شفرتها..
مهازل كرتنا ونقراتها وبلاغاتها باتت محورا ومادة دسمة لوسائل الاعلام الأجنبية، واذا لم تتحرك الأيادي الحازمة لكافة الشغب من كافة المشارب فاننا نسير بكل ثقة نحو حرب أهلية بسبب كرة سقيمة غيبت المتعة ووفرت الرعب والضغينة والأحقاد..فهل بعد ما شاهدنا من مهازل يمكن توقع المزيد؟؟
كرة ما بعد الثورة تجاوزت كل الخطوط الحمراء، والمطلوب عاجلا أن تفك هذه الأزمة بكل الطرق المتاحة حتى لا تبقى مصالح بعض الأنفار من الطغاة الجدد فوق كل مساءلة أو محاسبة..والا فان القادم سيكون حالكا وسوداويا بما فيه الكفاية ازاء ما نعيشه من انفلاتات فاقت كل التوقعات...


طارق العصادي